جريدة انباء الناس – نورالدين عمار
في صباح مختلف من صباحات الصيف، اجتمع عدد من الوجوه المعروفة في ساحة إعدادية بمدينة سيدي بنور. لم تكن مناسبة سياسية ولا اجتماعية، بل كان الموعد للاحتفاء بالتلاميذ الذين قطعوا مسافات طويلة نحو النجاح، وسط صمت الأقسام وضجيج التحديات اليومية.
عامل الإقليم، منير هواري، كان أول الواصلين. ببدلة رسمية وخطى واثقة، تقدّم نحو المنصة حيث انطلقت فعاليات حفل التميز التربوي الذي دأبت المديرية الإقليمية للتربية الوطنية على تنظيمه كل سنة. لكن هذا العام، بدا الحفل مختلفًا، أكثر حرارة، ربما لأن الوجوه الصغيرة التي صعدت لتتسلم جوائزها كانت تحمل في نظراتها شيئًا من الفخر، وكثيرًا من الأمل.
الاحتفال لم يكن فقط بالتلاميذ المتفوقين، بل شمل أيضًا تلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين نجحوا رغم العقبات في إقناع الجميع أن الإرادة أقوى من الظروف. لم يكن التصفيق لهم مجرد مجاملة، بل كان تعبيرًا صادقًا عن تقدير حقيقي لإنجازات لا تُقاس فقط بالأرقام، بل بالشجاعة اليومية في مواجهة المدرسة والحياة.
أولياء الأمور، الواقفون في الخلف، يلتقطون صورًا بهواتفهم، بعضهم يبتسم، وآخرون يكتفون بالنظر. امرأة خمسينية، تحمل شهادة ابنتها وتبكي بصمت. لم تتحدث، لكن دموعها قالت كل شيء. النجاح، في مثل هذه البيئات، لا يحدث بسهولة.
في كلمته القصيرة، وجّه عامل الإقليم رسالة شكر للمدرسات والمدرسين، خاصة أولئك الذين يعملون في التعليم الابتدائي، واصفًا إياهم بـ”خط الدفاع الأول عن المدرسة العمومية”. لم تكن الكلمات منمقة، لكنها كانت صادقة، وهو ما جعل الحضور ينصت دون ملل.
كما أشاد بالسيدة سهام بنقرباش، المديرة الإقليمية، مشيرًا إلى مجهودات ملموسة في تحسين ظروف التعلم بالإقليم. أكثر من ذلك، تحدث عن الدينامية التي يعرفها قطاع التعليم بسيدي بنور، معتبرًا أن التغيير لا يأتي من الأعلى فقط، بل يبدأ من داخل القسم، من بين الطباشير، ومن تعب المعلمين.
الحفل، الذي تزامن مع أجواء الاحتفال بعيد العرش، لم يكن مناسبة للتصوير فقط، بل لحظة نادرة اجتمعت فيها مؤسسات الدولة، وآباء وأمهات، وتلاميذ ومعلمون، حول معنى واحد: الاعتراف.
في نهاية الحفل، حين انطفأت مكبرات الصوت وعاد الكل إلى موقعه، كان هناك شعور مشترك بين الجميع أن المدرسة، رغم ما تعانيه، ما زالت قادرة على منحنا شيئًا نؤمن به.






