







في خطوة جديدة نحو النهوض بالعالم القروي وتحقيق تنمية فلاحية مستدامة، أعطى عامل إقليم سيدي بنور، السيد منير هواري، يوم الإثنين 28 يوليوز 2025، الانطلاقة الرسمية لمشروع فلاحي واعد بجماعة تامدة (قيادة ودائرة أولاد عمران)، وذلك احتفالًا بالذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد، وضمن تنفيذ استراتيجية “الجيل الأخضر 2020–2030” التي يشرف عليها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة (ORMVAD).
يستهدف هذا البرنامج التنموي 1,334 فلاحًا من صغار المنتجين، مع تركيز خاص على الفئات الهشة، في مسعى لتحسين ظروفهم المعيشية وتعزيز قدرتهم على الصمود الاقتصادي في ظل التغيرات المناخية الحادة، وعلى رأسها أزمة ندرة المياه.
بتكلفة إجمالية تناهز 14 مليون درهم، يمتد المشروع على مدى 48 شهرًا، ويشمل:
غرس 800 هكتار من الصبار المقاوم للحشرة القرمزية، منها 328 هكتارًا بالأراضي السلالية
غرس 30 هكتارًا بالخروب و30 هكتارًا بالقطف البلدي
حفر وتجهيز 5 آبار لخدمة مناطق الزراعة
اقتناء معدات وآليات فلاحية لفائدة تعاونية شبابية
تنفيذ شطر أول من السقي التكميلي على مساحة 400 هكتار، بكلفة إضافية قدرها 2 مليون درهم
يُظهر تحليل الأرقام أن معدل الاستثمار لكل فلاح يبلغ حوالي 10,500 درهم، بينما تُقدّر الكلفة لكل هكتار من زراعة الصبار بـ 17,500 درهم. أما البئر الواحد، فمن المتوقع أن يغطي حوالي 172 هكتارًا ويخدم نظريًا 267 فلاحًا، ما يضع نسبة الاستفادة عند 1.55 فلاح لكل هكتار.
ورغم الطموح الكبير للمشروع، يظل التحدي البيئي ماثلًا بقوة، خصوصًا أن الإقليم يعاني من جفاف حاد، حيث لا تتجاوز نسبة ملء سدود الحنصالي والمسيرة 6.2%، في ظل انقطاع مياه السقي منذ أكثر من ثماني سنوات.
بقيادة تعاونية “صبار تامدة”، يُراهن المشروع على زراعة أنواع مقاومة للجفاف، كالصبار، إلى جانب تعزيز إدماج الشباب القروي في الدورة الاقتصادية عبر دعم التعاونيات المحلية وتزويدها بالتجهيزات اللازمة، ما يعكس تصورًا متكاملًا للتنمية القروية يجمع بين الإنتاج، التشغيل، والحفاظ على الموارد الطبيعية.
إقليم سيدي بنور يشكل أحد أعمدة الإنتاج الفلاحي بالمغرب، بمساهمته بـ:
12% من الإنتاج الوطني للشمندر السكري
5% من إنتاج الحليب
7% من اللحوم الحمراء
ويضم الإقليم 536 تعاونية، 67 جمعية فلاحية، و8 اتحادات مهنية، ما يجعله أرضية خصبة لتجارب التنمية الفلاحية المندمجة.
رغم المؤشرات الإيجابية للمشروع، فإن استمراريته وفعاليته ستظل مشروطة بمدى القدرة على تدبير ندرة المياه، خصوصًا أن بعض الزراعات المدرجة، مثل الخروب والقطف، تحتاج إلى سقي منتظم في مراحلها الأولى. كما أن نجاح التجربة يعتمد على توفير مواكبة تقنية وتسويقية دائمة لضمان انخراط فعّال للمستفيدين وتحقيق الأثر الاجتماعي المرجو.
إن مشروع تامدة لا يمثل مجرد عملية تشجير أو استثمار مالي، بل هو اختبار حقيقي لنموذج تنموي قروي جديد، يضع الإنسان والمجال في قلب الرهان الأخضر، ويمنح الفلاحين أملًا جديدًا في مستقبل أفضل، رغم قسوة الطبيعة وصعوبة التحديات.